العد العكسي لإصلاح التقاعد بالمغرب.. عجز متفاقم وخيارات صعبة على الطاولة

0

 

يدخل المغرب مرحلة حاسمة في مسار إصلاح أنظمة التقاعد، بعد أن أصبحت المؤشرات المالية تدق ناقوس الخطر بشأن استمرارية الصناديق الأساسية، وسط تفاقم العجز وتراجع التوازن بين عدد المساهمين وعدد المتقاعدين.

فوفق المعطيات الرسمية الأخيرة، تضاعف عدد المتقاعدين خلال الـ14 سنة الماضية، في حين لم تتجاوز نسبة نمو عدد المساهمين 56%. هذا الخلل الهيكلي يهدد قدرة أنظمة التقاعد، مثل الصندوق المغربي للتقاعد (CMR) والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (RCAR) والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، على الوفاء بالتزاماتها، مع توقع نفاد احتياطاتها ما بين سنتي 2031 و2036 في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.

واحدة من أبرز النقاط التي تؤجج الاحتقان الاجتماعي في هذا الملف، هي الفوارق الكبيرة في المعاشات بين القطاع العام والقطاع الخاص، والتي قد تصل أحياناً إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف، مما يخلق شعوراً عميقاً بعدم العدالة لدى شريحة واسعة من المواطنين.

أصبح من الواضح أن مسألة الإصلاح لم تعد مسألة توقيت، بل ضرورة عاجلة. وتتم مناقشة عدة خيارات حساسة، من بينها رفع سن التقاعد، وزيادة نسب المساهمات، وتوحيد الأنظمة، وهي خطوات تتطلب توافقاً مجتمعياً واسعاً لتفادي صدمات اجتماعية.

بعض النقابات حذرت من تداعيات ما تسميه بـ”المثلث الملعون” الذي يجمع بين: العمل لفترة أطول، دفع مساهمات أكبر، والحصول على تقاعد أقل. هذا التصور يعمق الرفض الشعبي لأي إصلاح لا يراعي الإنصاف والعدالة الاجتماعية.

رغم التحديات، يرى عدد من الخبراء أن الأزمة الحالية قد تكون فرصة لإرساء نظام تقاعدي أكثر عدلاً واستدامة، من خلال توحيد الأنظمة، تشجيع الادخار التكميلي، وتحسين الحكامة المالية عبر اعتماد الشفافية والتخطيط بعيد المدى.

ويُجمع المراقبون على أن الإصلاحات القادمة، وإن كانت صعبة، فإن تأجيلها قد يؤدي إلى إجراءات أكثر قساوة في المستقبل، مؤكدين أن الملف يتجاوز الجوانب التقنية ليصبح اختياراً مجتمعياً حاسماً في رسم مستقبل الحماية الاجتماعية والتضامن بين الأجيال.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.