
تقارير داخلية تفضح “قرارات تعسفية” وتجاوزات خطيرة في تدبير الجماعات الترابية
كشفت تقارير إدارية حديثة، توصلت بها المصالح المركزية لوزارة الداخلية، عن خروقات وصفت بـ”الخطيرة” في تسيير عدد من الجماعات الترابية، تورّط فيها رؤساء جماعات محلية عمدوا إلى اتخاذ قرارات تعسفية وغير قانونية في حق موظفين وأطر إدارية، في تجاوز صريح للقوانين المنظمة للعمل الجماعي.
وحسب معطيات حصرية حصلت عليها جريدة أنباء مراكش، فإن وزارة الداخلية باشرت تحريات إدارية عبر مصالحها المركزية، أفضت إلى رصد اختلالات تمثلت أساساً في قرارات مفاجئة وغير مبررة استهدفت موظفين عبر التنقيل التعسفي، وتكليفهم بمهام لا تتناسب مع درجاتهم الإدارية، في إطار ما وصفته مصادرنا بـ”تصفية حسابات سياسية وانتخابية”.
ووجه عدد من الولاة والعمال استفسارات إلى رؤساء جماعات محلية طُعن في قراراتهم، وطُلب منهم تقديم تبريرات مكتوبة حول التنقيلات وتعيينات غير قانونية، من ضمنها تعيين موظفين من الدرجتين الثالثة والرابعة كحرّاس ليليين، وتكليف عمال عرضيين بسياقة سيارات الإسعاف والقيام بمهام طبية دون تأهيل أو تكوين، ما عرّض صحة المواطنين لمخاطر حقيقية.
وأضافت المصادر أن شكايات نقابية ورسائل رسمية وثّقت أيضاً حالات اعتداء جسدي طالت مديري مصالح ورؤساء أقسام، تعرّضوا لعنف من طرف منتخبين، وجرى توثيق هذه الحالات بمحاضر طبية وأخرى قضائية وصلت إلى المحاكم.
كما أظهرت التقارير حالة من “الفوضى” الإدارية، ناجمة عن تهميش موظفين أكفاء وذوي أقدمية واستبدالهم بعناصر مقرّبة من رؤساء الجماعات، دون احترام مساطر التعيين المنصوص عليها في المرسوم المنظم للمناصب العليا بإدارات الجماعات الترابية، ما مسّ بمبدأ تكافؤ الفرص، وشكل ضربا لقواعد الشفافية والاستحقاق.
وتفاعلاً مع هذه التجاوزات، فعّل وزير الداخلية القرار رقم 1019.24، الذي منح الولاة والعمال سلطة التأشير على قرارات التعيين والإعفاء وإنهاء المهام في المناصب العليا بالجماعات، باستثناء مناصب المدير العام للمصالح بعدد من الجهات والمدن الكبرى. كما أصبح بإمكان السلطات المحلية المصادقة على الصفقات العمومية دون الرجوع إلى الوزارة.
التقارير ذاتها حملت معطيات دقيقة حول تعيينات “مريبة” في مناصب حساسة، أثارت غضباً واسعاً وسط موظفي الجماعات، خصوصاً بعدما ثبت تعيين مقربين من الرؤساء في مناصب استراتيجية دون استحقاق أو مساطر قانونية، ما أدى إلى تعطل مصالح المواطنين والمستثمرين.
وخلصت المصادر إلى أن حالة “التمييز الإداري” التي يعيشها عدد من الموظفين الأكفاء نتيجة الإقصاء والتهميش، أثرت بشكل مباشر على نجاعة الأداء الجماعي وجودة الخدمات المقدمة، وسط مطالب متزايدة بفتح تحقيقات معمقة وترتيب المسؤوليات القانونية والإدارية.