
جنوب إفريقيا ومناورة البوليساريو: عزلة دبلوماسية وفشل في السياسة الإفريقية
في ساحة السياسة الإفريقية، خرجت جنوب إفريقيا عن المألوف لتأخذ مكانها في مسرح العبث، مجدّدة التلويح بورقة “البوليساريو” المهلهلة، وكأنها قطعة شطرنج في لعبة دبلوماسية لم يعد لها من اللاعبين. لكن هذه المناورة سرعان ما تحولت إلى سقطة، وبيانها إلى فضيحة، بينما تحولت دعاية مؤيديها إلى دليل على عزلتهم.
في الثاني من أبريل، أقدمت حكومة بريتوريا على خطوة غير محسوبة، دفعت خلالها سكرتارية منظمة SADC إلى التوقيع على “بروتوكول اتفاق” مع كيان وهمي لا وجود له على خرائط العالم ولا في سجل التاريخ. تم الاتفاق في غفلة من الزمن وأغلب الأعضاء، بإملاء مباشر من الجزائر، الحليف المهووس بعداء المغرب. لكن ما بني على الخداع لا يلبث أن ينهار أمام الحقيقة، وما تم في الظلام يسقط بمجرد ظهور النور.
الدول الإفريقية لم تبتلع الطعم. دول مثل مالاوي، إسواتيني، زامبيا، جزر القمر، وجمهورية الكونغو الديمقراطية رفضت أن تكون مجرد كومبارس في مسرحية من إخراج جزائري وتمثيل جنوب إفريقي. وقد كان موقف مالاوي حاسمًا، حيث أعلنت عن رفض قاطع، وبيان حاد، مؤكدًة دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي. وهو موقف شجاع يعكس علاقات تاريخية متجذرة، واحترامًا متبادلًا، وإدراكًا عميقًا بأن المغرب ليس طرفًا عابرًا بل شريكًا استراتيجيًا.
جنوب إفريقيا، التي اختارت اللعب على مسرح المؤامرات السياسية، أصبحت اليوم مكشوفة. سعت إلى توجيه SADC لخدمة مصالحها الضيقة وحسابات الجزائر التي تعود إلى سبعينيات القرن الماضي. لكن المفاجأة كانت أن إفريقيا قد تغيرت. القارة اليوم لم تعد كما كانت: لا تقبل الوصاية ولا الشعارات الفارغة، ولا تخضع للمزايدات.
إن كان هناك ما يثير الإيجابية في هذه الدراما الدبلوماسية، فهو أنها كشفت للمجتمع الدولي من هم أصدقاء المغرب الحقيقيون. كما أظهرت أن الوحدة الإفريقية لا تُبنى عبر كيانات وهمية، بل من خلال احترام السيادة، واتباع الحلول الواقعية كما في المقترح المغربي.
اليوم، لم يعد المغرب بحاجة إلى رفع صوته؛ يكفيه أن تستمر القنصليات في العيون والداخلة، وأن يُدعم مشروعه في الأمم المتحدة، وأن يواجه خصومه بابتسامة الواثق. أما جنوب إفريقيا، فقد وجدت نفسها في زاوية العزلة، وسط استنكار واسع، بينما الجزائر تظل خلف الستار تحرك الخيوط وتُراكم الهزائم.
الرسالة واضحة: إفريقيا لا تُدار من بريتوريا ولا تُشترى من الجزائر.
والمغرب، بذكائه وبعد نظره، لا يُهزم على رقعة الشطرنج الإفريقية، بل هو من يضع قواعد اللعبة.