المغرب ومعضلة الشرق الأوسط: موازنة بين الضمير الوطني والواقع الجيوسياسي

0

 

لا يخفى على أحد أن الوضع في الشرق الأوسط يضع العديد من الدول، وعلى رأسها المغرب، في موقف دقيق وحساس. ففي ظل تزايد التوترات في المنطقة، خاصة بين فلسطين وإسرائيل، وارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين، يجد المغرب نفسه أمام معضلة أخلاقية مزدوجة تتطلب توازنًا دقيقًا بين المبادئ الإنسانية والمصالح الوطنية.

لقد نجح المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس (حفظه الله) في بناء رمزية خاصة في هذا الملف، ليس فقط بصفته رئيسًا للجنة القدس، بل أيضًا بفضل تاريخه الدبلوماسي الحذر والمتزن. فمواقف المغرب غالبًا ما تكون رمزية وضمنية، وهو نهج نراه أكثر حكمة من العديد من الخطابات الشعبوية والخرائط الذهنية المبنية على العاطفة أو الاصطفاف الأيديولوجي الأعمى.

أولًا: المعضلة الأخلاقية

يجد المغرب نفسه في موقف لا يُحسد عليه، حيث لا يمكن لدولة ذات عمق إسلامي وثقافي مشترك مع الشعب الفلسطيني أن تتجاهل المأساة الإنسانية المستمرة في غزة والضفة الغربية. ومع ذلك، لا يمكن اختزال الصراع في ثنائية الخير والشر، خاصة في ظل الواقع الجيوسياسي المعقد، وتورط العديد من الأطراف في تأزيم الوضع.

ثانيًا: أولوية المصلحة الوطنية

من جهة أخرى، يظل على المغرب أن يراعي أولوياته الوطنية، مثل الاستقرار والتنمية وحماية مصالحه الاستراتيجية، بما في ذلك علاقاته مع إسرائيل. فالعلاقات الدبلوماسية، كما هو الحال مع أي دولة، تخضع لحسابات السيادة والمصالح أكثر من مجرد العاطفة. وهذا لا يعني التراجع عن دعم القضية الفلسطينية، بل تعبير عن دعم مسؤول بعيد عن التجييش الإعلامي أو الزج بالقضية في متاهات الشعارات الفارغة.

في ظل هذه المعادلة الصعبة، يظل المغرب في موقف “الحرج المستمر”. هذا الحرج ليس نتيجة تقصير أو تذبذب، بل ناتج عن الجغرافيا والتاريخ المغربي، وما تفرضه من خصوصية في التعامل مع قضايا المنطقة. ولذلك، تظل مواقف الملك محمد السادس، حتى وإن كانت ضمنية أو رمزية، تعبيرًا عن حكمة دولة تحاول التوازن بين الضمير الإنساني والمصلحة الوطنية في عالم يشهد صراعات معقدة حيث لم تعد البساطة الأخلاقية كافية لفهم التحديات الراهنة.

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.