حماية التراث الأمازيغي في مراكش: جهود مضاعفة لتعزيز الهوية الثقافية
وتستمر الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية في مراكش، حيث تساهم المرافق السياحية في تسليط الضوء على التراث الثقافي الأمازيغي من خلال تنظيم فعاليات متنوعة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الهوية المغربية وتنميتها. وفي هذا السياق، أصبحت هذه الفعاليات جزءاً من استراتيجية تسويقية مبتكرة، تهدف إلى إبراز غنى التراث الوطني من خلال الاحتفاء بالثقافة الأمازيغية، التي تعد جزءاً أساسياً من الهوية المغربية.
جمال السعدي، مهني وفاعل سياحي، يرى أن مراكش، بموقعها الاستراتيجي وبجذبها السياحي الكبير، تعد المكان المثالي لتنظيم فعاليات ترويجية تسلط الضوء على التراث الأمازيغي. وأكد السعدي أن الأمازيغية ليست فقط لغة رسمية دستورية، بل هي تعبير حي عن الهوية المغربية التي ينبغي أن تُعرض بشكل كامل أمام السياح، مشيراً إلى أن هذه الفعاليات تفتح المجال لأسئلة وتساؤلات تساهم في نشر الثقافة الأمازيغية على الصعيدين الوطني والدولي.
ولكن السعدي حذر من ضرورة تنظيم هذه الفعاليات بشكل مدروس، متضمنةً تحضيراً لوجستياً ومهنيين مختصين قادرين على توضيح مختلف ألوان التراث الأمازيغي، سواء كان ذلك في الموسيقى أو الرقصات، وتوضيح الروابط الجغرافية والثقافية التي تنتمي إليها هذه الألوان. ويُعتبر ذلك جزءاً من تعزيز التسويق الثقافي للمغرب، حيث تساهم هذه الأنشطة في تكوين صورة مميزة عن البلاد كوجهة سياحية غنية ومتنوعة ثقافياً.
من جهته، صرح صالح واهلي، رئيس الجمعية الجهوية للمرشدين السياحيين بمراكش آسفي، أن هذه الفعاليات تسهم بشكل كبير في تعزيز دور المرشد السياحي الذي يُعتبر الواجهة الأولى للتعريف بالتراث الثقافي، وخاصة الأمازيغي. وأضاف واهلي أن السياح يكتسبون من خلال هذه الأنشطة فهماً أعمق عن الثقافة الأمازيغية، التي تشكل أحد الأبعاد الأساسية للهوية المغربية، ما يعزز تقديرهم للغنى الثقافي والتنوع الذي يميز المغرب.
وتابع واهلي قائلاً إن هناك العديد من جوانب التراث الأمازيغي، مثل الرقصات التقليدية “أحواش” و”أحيدوس”، التي تستحق المزيد من الاهتمام على المستوى الدولي، وربما التقدير من قبل اليونسكو كتراث لامادي للإنسانية. وأضاف أن تسليط الضوء على هذه الفنون خلال احتفالات رأس السنة الأمازيغية يساهم في تأكيد تفرد المغرب كداعم للثقافات المتنوعة .
وتتطلب جهود حماية التراث الأمازيغي واستدامته دعمًا مستمرًا من جميع الفاعلين، بما في ذلك القطاع السياحي، الذي يلعب دورًا رئيسيًا في نقل الثقافة المغربية إلى العالم. يعتبر تسويق هذا التراث بمثابة “هدية ثقافية” تعكس انفتاح الهوية المغربية وتعدد أبعادها الثقافية. ومع هذه الجهود، تزداد فرص المغرب في استثمار تراثه في سياق عالمي يعترف بشكل متزايد بأهمية التنوع الثقافي والهوية المميزة.
وفي هذا السياق، تظل مراكش مثالاً حيًا على كيفية دمج التراث الأمازيغي في النشاط السياحي، مما يعزز من القيمة المضافة للمملكة على الصعيدي التقافي والسياحي.