سياسة ترحيل المختلين عقلياً .. انتقادات حقوقية تحذر من تداعيات خطيرة في المغرب
حرر من طرف : طارق بولكتابات
أعلنت تنظيمات حقوقية مغربية رفضها القاطع للمنهجية التي تتعامل بها السلطات العمومية مع المختلين عقلياً، حيث تقوم بترحيلهم إلى مدن صغيرة بهدف الحفاظ على خلو المدن الكبرى من أي تهديد محتمل. وانتقدت هذه المنظمات تحويل الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية إلى مدن صغيرة، حيث يُعتبر سكانها، بحسب الحقوقيين، مواطنين من الدرجة الثانية. وشددت على ضرورة التفكير في نهج مختلف يتضمن توسيع بنية المستشفيات التي تستقبل هؤلاء المرضى.
جاء هذا الرفض في إطار النقاش الذي أثارته هذه القضية في مدينة تزنيت، حيث أبدى فرع جمعية حقوقية استيائه من ظاهرة “تفريغ” الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية ونفسية، مؤكدين أن هذا الأمر يؤدي إلى آثار سلبية على سلامة وأمن الساكنة.
أحد رؤساء مركز حقوق الإنسان في المغرب اعتبر أن سياسة نقل المختلين عقلياً من مدن كبرى مثل الدار البيضاء ومراكش إلى مدن صغيرة كتيزنيت وشيشاوة وأكادير أصبحت ظاهرة مقلقة. وأشار إلى أن هذه الممارسات تشكل خطراً على سلامة هؤلاء المرضى وسلامة السكان المحليين. وقد أبدى قلقه من تكرار حالات العنف، حيث تم تسجيل حوادث مؤسفة نتيجة لهذه السياسة، بما في ذلك اعتداءات قاتلة.
ودعا الحقوقيون إلى ضرورة حماية هذه الفئة الضعيفة وتوفير الرعاية الصحية المناسبة لهم، بدلاً من خيار نقلهم إلى مدن أخرى. وأكدوا على أهمية إنشاء مراكز متخصصة للرعاية النفسية بدلاً من تفريغهم في أماكن غير مجهزة.
وفي هذا السياق، أشار رئيس رابطة حقوق الإنسان إلى أن مشكلة الصحة النفسية في المغرب عميقة، حيث تُعتبر الخدمات الصحية الموجهة للمختلين عقلياً نادرة. وأكد أن وجود مستشفى واحد فقط مخصص للأمراض العقلية يكفي لتغطية احتياجات أكثر من ثلاثة ملايين نسمة في المنطقة، مما يبرز الحاجة الملحة لتوسيع هذه المرافق.
كما حذر من أن نقل المختلين عقلياً إلى المدن الصغيرة يُعتبر حلاً غير فعّال ويزيد من التحديات، حيث يتسبب في تفشي ظواهر سلبية أخرى، مثل انتشار المخدرات والشعوذة. وأكد على ضرورة أن تقوم الحكومة بتوسيع هيكلة مستشفيات الرعاية النفسية لتلبية احتياجات المجتمع المتزايدة.
ودعا الحقوقيون إلى تدخل عاجل لوقف هذه الممارسات غير الإنسانية وتوفير الدعم المجتمعي والتوعوي للتعامل مع هذه الفئة، مشددين على أن معالجة هذه القضايا تكتسب أهمية خاصة في ظل الاستعدادات لاستضافة المغرب لفعاليات دولية.