من المسؤول عن هدم التراث المعماري بحي جليز ؟
آثار هدم التراث المعماري بحي جليز قلب مدينة مراكش، جدلا واسعا عند المهتمين بالتراث والفاعليين المدنيين والحقوقيين، أثير معه تأخر إدراجه ضمن الآثار الوطنية، كما جرى مع مدن مغربية عديدة.
وحسب المعطيات المتوفرة، فسيتم تشييد عمارات عملاقة على أنقاض البنايات المعمارية المذكورة، ومراكز تجارية كبيرة، الأمر الذي سيؤدي إلى تقويض الطابع المعماري الكولونيالي بالمدينة الحمراء، وإضعاف جمالية حي جليز الشهير.
وكان المجلس الجهوي لهيئة المهندسين المعماريين بجهة مراكش آسفي، قد دعا في وقت سابق، إلى التحرك من أجل حماية التراث المعماري الكولونيالي بجليز، بعد أن ساهم في تشكيل الهوية الثقافية والمعمارية للمدينة.
من جهة أخرى، اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة، التراث المعماري بحي جليز أحد أهم العناصر الفنية والجمالية التي تميز معالم مراكش، من خلال هندسة العمارة الكولونيالية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية.
وقالت في بيان لها، إن التراث الكولونيالي لم يجري تقنينه بعد بمدينة مراكش، بخلاف مدن الرباط والدار البيضاء ووجدة، داعيا في هذا الإطار إلى إعداد قانون خاص بالتراث الكولونيالي بمشاركة مختلف ممثلي الوزارات المعنية، لحماية هذه البنايات القديمة وإعادة ترميمها والعمل على تصنيفها ضمن الآثار الوطنية.
ودعت الهيئة المذكورة، لأهمية أخذ رأي المديرية الجهوية لوزارة الثقافة، قبل هدم البنايات التاريخية المميز والفريد، و تصنيفها في عداد الآثار الوطنية بوزارة الثقافة خصوصا المعروفة بنمطها المعماري القديم والمندرجة في إطار نمط “أغبيكو”.
وزادت أن مجموع هذه البنايات يصل حوالي 150 بناية بكل من المدينة العتيقة وحي جليز والحي العسكري، لم تستفد من قرار التقييد أو مرسوم إدراجها ضمن الآثار الوطنية على غرار المدن التي شهدت هذه العملية من قبيل فاس ومكناس والدار البيضاء والجديدة والرباط ووجدة.
وقالت في ذات البيان، إن هذه البنايات العريقة “نهلت من حضارات قديمة تمتد إلى حقب زمنية معينة، خاصة أن كل بناية تاريخية تختزن في طياتها تاريخا ضاربا في القدم ونمط عيش مشترك بين فئات اجتماعية متباينة بالإضافة لبنايات كانت مخصصة للعموم كقاعات السينما”.
وأضافت أن هذه التحف المعمارية تعد جزء لا يتجزأ من معالم مدينة مراكش، وحيا عصريا بداية القرن الماضي موازيا للمعمار التقليدي السائد في المدينة العتيقة، ويساهم في تشكيل الهوية الثقافية والمعمارية لمراكش ككل.
ونبهت ذات الهيئة الحقوقية إلى أن البنايات الجديدة، التي شيدت حديثا بالحي المذكور، “لم تحترم خصوصية معمار المدينة بسبب تجاوزها الارتفاعات المسموحة، إذ أصبحت تحجب رؤية الامتداد الطبيعي للمدينة نحو الفضاءات الخضراء التي تشكل لوحة خلابة مع جبال الأطلس الكبير”.