تأملات بعد الجائحة .. قيمة النعم وضرورة استغلالها بشكر واعتدال
“اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك”، هكذا كان يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم، يذكرنا بأهمية الشكر والتقدير لنعم الله. حيث يُظهر التاريخ أن من أسباب زوال النعم هو كثرة المعاصي، فتجدر الرعاية بالنعم والتقدير لها للحفاظ عليها.
ومع تجربة جائحة كورونا وما خلفته من تحولات في الحياة اليومية، يظهر أهمية التأمل في قيمة النعم التي كنا نتمتع بها. فالعزلة والقيود جعلتنا نشعر بقيمة الحرية والتواصل الاجتماعي، والصحة الجسدية والنفسية.
من هنا، يجب أن نتعلم الاعتدال في الاستمتاع بالنعم، وعدم الإسراف أو التقصير في شكرها. إن استشعار قيمة النعم يدفعنا للاعتناء بها والحفاظ عليها، ويعزز الوعي بأهمية المحافظة عليها للأجيال القادمة.
مرّت جائحة كورونا وتركت وراءها إرثا ثقيلا سيبقى مدونا في سجلات التاريخ، وبدأ العالم يتعافى ويتخلص من تبعاتها على مختلف الأصعدة، وما هي إلا لحظات قليلة، حتى اندلعت حروبا وتطاحنات مخلفة دمارا شاملا ونزوحا جماعيا بطعم الجوع والقر والبرد القارس، فانعكس ذلك من جديد على الوضعية الاقتصادية العالمية لكثير من الدول، فارتفع منسوب التضخم وغلاء الأسعار وانتشار الأوبئة والأمراض وعدم الاستقرار.
فبعد كورونا وما خلفته من دمار صحي ونفسي واجتماعي كمُفرقٍ للجماعات وكهَادمٍ للذات، فهي التي ألزمت البشر البيوت ومنعتهم التمتع بالحياة وملذاتها ونعمها، ومنهم من بات يبحث عن فرصة مواتية لسرقة ولو جولة بالشارع العام خلسة، ومنهم من بات يحن ولو للحظة خاطفة لارتشاف كأس قهوته المفضلة واضعا رجلا على رجل وسيجارته بفيه يداعبها وتداعبه، ومن الناس من بات يحن لـ”تكسيلة سخونة بحمام شعبي تضع عنه وزره وأثقاله وأوساخه”، ومن القريب من أضحى متشوقا لمعانقة أقرب الأقربين له، حتى صار العزاء عبر الفضاء الأزرق يفي بالغرض وينوب عن المواساة بشكل حضوري، فتفرقت الجماعات واختفت مظاهر الجلوس على الموائد الطعام والزرود لحظة التأبين.
وفي هذا السياق، ينبغي علينا استلهام الدروس من الأزمات السابقة والتأمل في قيمة النعم وضرورة الاعتدال في استخدامها، فلا تزال الحياة مدرسة تعلمنا منها الكثير عن قوة الصمود وأهمية الشكر والتقدير.خ
وبعد كل هذا، ينبغي علينا أن نستفيق لنحسن استغلال النعم ونتعلم الاعتدال في استخدامها، ونشعر بالشكر والامتنان لكل لحظة نعمة تمر علينا. فالحياة مدرسة تعلمنا منها الكثير، وعلىنا أن نستمر في التأمل والتعلم والتطور لنبقى أقوى وأكثر حكمة.