ضاهرة تربية الحيوانات الاليفة..حقوق وواجبات
ذ : محمد بن يشو
لو كنا حتى بداية 2000 كنت سأحرر هذا المقال بالفرنسية لكن اليوم فضلت العربية لان المعنيين الذين يهمهم الأمر أصبحوا من جميع فئات الشعب المغربي بل اصبحت الظاهرة مثيرة لاي ملاحظ حتى في الأحياء الشعبية التي تعاني من عدة مشاكل اجتماعية بما فيها السكن اللائق .
ويمكن تفسير هذه الظاهرة من عدة فرضيات :
ربما كردة فعل نفسية أو نوع من الاحتجاج يريد أن يعبر به المواطن المغربي المقهور أن من حقه كذلك أن يعيش بنمط عيش يظهره في نفس شكل من كانوا معروفين في المغرب بالظاهرة. أو ربما هي وسيلة احسن لدر المال للعيش الكريم احسن من تربية النحل أو الأرانب والتي بدأت تقل ونحو الانقراض في عدة مناطق.
إنها ظاهرة تربية الحيوانات الأليفة وليس الداجنة وفي مقدمتها الكلاب.
نلاحظ منذ الألفية وخصوصا خلال العشر سنوات الاخيرة ابتلاء العائلات المغربية بامتلاك كل أنواع الكلاب بما فيها التي تتطلب ميزانية مهمة لاكلها وتطبيبها ونظافتها.
قبل وخلال بداية التسعينات إذا اخذنا مدينة مراكش كان يوجد فيها طبيب خصوصي بيطري واحد أو إثنين. وكان كذلك محل واحد بمارشي الورود جيليز تباع فيه مواد الاكل والنظافة والترويض الخاصة بالكلاب. كانت عقلية الجميع تنسب هذه المرافق للاجانب “ديال النصارى اللي كايتهلاو في الكلاب”.
خلال العشر او 15سنوات الاخيرة تضاعف بكثير عدد الأطباء البيطريين وحتى عيادات الاستشفاء احسن بكثير من بعض العيادات الخاصة بالإنسان؛ وتضاعفت عشرات المرات محلات بيع حاجيات الحيوانات الأليفة أو التي اصبحت اليفة في البيوت كالافاعي ؛؛ وبكثرة انتشرتفي جميع الاحياء دكاكين بيع ما تأكله الكلاب والقطط. فاخيرا لاحظت في أحد الاحياء الشعبية ازدحام الناس بكثرة أمام دكان خاص ببيع مواد اكل الكلاب والقطط والطيور…في حين المخبزة التي بجانبه خالية من الزبناء..كأن الناس أصبحوا يفضلون سد رمق كلابهم وقططهم بأولوية منهم. …هذه ظاهرة اثرتها ليس لاني ضدها ؟ بالعكس هذه الظاهرة صحية إن كانت تعكس الواقع الاجتماعي الحسن والمتميز لجميع الساكنة المغربية. يعني أننا لم نعد نقول فلان وفي الغالب اجنبي “نصراني أو كاوري” يصرف على كلبه شهريا ضعف الحد الأدنى للأجور عندنا !!! الجميع له كلاب وقطط وقردة…..يعني أن الوضعية الاجتماعية قد تحسنت عند الأسر وأننا لم نعد مشوشين من كثرة الكلاب الضالة والقطط المشردة…..الخ
مع الاسف مازالت الظاهرة موجودة وقد اصبحت مثيرة في الحي الذي أقطنه قرب المركز الاستشفاءي الجامعي محمد السادس بمراكش كلاب شرسة تحوم جماعات كدوريات ميليشيا وقطط بين الأزقة تتنافس مع المتسولين الذين ازداد عددهم من كل الأعمار والأجناس …..
لكن المؤسف الكبير هو موضوع ندائي رغم ان عدد البيطريين تضاعف واماكن بيع مستلزمات الكلاب والقطط وغيرها فإن الاثمنة للمواد والخدمات لم تشهد انخفاضا بل العكس أنها تضاعفت عشرات المرات وبدون اية مراقبة لانها على ما أظن يتم إهمالها لانها لا تخص الانسان ؟
لا ثم لا . إنها تمس الانسان في جيبه وكذلك تهدد صحته. فمثلا اثمنة تلقيح الحيوانات بالمغرب وخاصة هذه الأليفة domestiqués كالكلاب والقطط جد باهظة . وكل الأدوية جد باهظة. والاكل كذلك ثمنه باهض جدا ! سنة 2017 كنت قادما بسيارتي من أوربا ومن بين ما اقتنيته كيسا من وزن 20 كيلوغرام خاص يتغذية الكلاب الصغيرة الحجم “كانيش” ب 11 اورو (120 درهم) . نفس الحجم ونفس الماركة كان ثمنه في احد الاسواق الممتازة 1250 درهما !!!وهناك ماركات أخرى أقل لكن ليس أقل من 800 درهم آنذاك لكيس ديال 15 أو 20 كيلو. ولكيس كيلو واحد لا تقل لحد الآن عن 60 درهم. توجد وجبات بالعبار الان في المتاجر الشعبية ب 25 درهم لكن لا معلومة على محتوياتها وجودتها وصحتها. ….
خلاصة, امر الى النداء والذي اتمنى نشره على قطاع واسع وهو موجه لوزير الفلاحة لانه هو المسؤول المباشر عن القطاع :
حان الوقت وبعجالة لفتح عيادات عمومية خاصة بهذه الحيوانات وخاصة بالتلقيح المجاني لان عدم تلقيح هذه الحيوانات يهدد صحة الناس في بيوتهم وفي الشارع العام.
حان الوقت كذلك لمراقبة اثمنة العيادات البيطرية الخاصة بهذا النوع من الحيوانات التي يربي الانسان والتي اصبح المغاربة مبليين بها ومدمنين عليها وهذا من حقهم.
يجب كذلك مراقبة اثمنة وجودة وصحة جميع المواد التي تستهلك لتربية هذه الحيوانات الأليفة . على الدولة أن تخصها بكامل العناية مثلها مثل ما تحضى به الحيوانات الداجنة التي يستهلك الانسان أو التي يستعمل لتنقله أو للتبوريدا.
لقد دوختنا وزارة الفلاحة بالمغرب الأخضر وبالجفاف لدرجة ان المغاربة قليل منهم من يعرف ان العيادات البيطرية تابعة لوزارة الفلاحة وكذلك جميع مصالح الوقاية والسلامة الصحية الغذاءية سواءا التي يستهلك الانسان أو الحيوان.
كان ومازال الناس يحملون جميع المشاكل الصحية لوزارة الصحة ناسين أن صحة المواطنات والمواطنين تهم كذلك وزارة الفلاحة كما تهم وزارة الداخلية.
وهذا كان جيلنا يعرفه لما كنا اطفالا لما مازالت السلطات وارثة بعض العادات الايجابية التي تركتها فرنسا خاصة في محاربة الكلاب الضالة. فكانت لجنة تحوم الازقة فيها عضو من وزارة الفلاحة وعضو من وزارة الداخلية وهو طبيب من مصلحة الوقاية أو النظافة S. Hygiène.
اليوم تركت الكلاب الضالة والقطط المشردة تهدد صحة الناس. وعلى ما أظن نجدها بكثرة امام المستشفى الجامعي ليس بالصدفة بل إنها تقتات من قماماته والتي إن لم تحسن شروط طرحها ومعالجتها فقد تكن تحتوي على أشلاء أو أعضاء آدمية تثير شهية هذه الحيوانات المتشردة !
ومن جهة أخرى ربما هذه الكلاب الضالة تتعاطف مع الناس إن وقع أن تهجمت عليهم واصابتهم فسيكون إنقاذهم أسهل لانهم لن يكونوا في حاجة إلى سيارة إسعاف لنقلهم : عضو تما أو داويه تما.
لنتحمل جميعا مسؤولياتنا كشعب وكمجتمع اختار تربية الكلاب والقطط أساسا والطيور في الدرجة الثانية ثم السلحفاة والقردة والافاعي وحتى الحشرات……
ولنحمل المسؤولية أساسا لوزارة الفلاحة ووزارة الداخلية لكي تسهرا على تفتيش ومراقبة اثمنة وجودة المواد والخدمات الخاصة بهذا الميدان. لقد استغله البعض للاغتناء الفاحش على حساب جيوب المواطنين والمواطنات انطلاقا من عقلية ساءدة كما هي ساءدة فيما يخص المواد الكحولية. يعني لا يمكن الاحتجاج عليها وهذا تغليط كبير وخطير.
يجب أن يعلم الجميع أن كل مادة أو كل خدمة تباع برخصة وصاحب الرخصة مغربي ومن منح الرخصة هي حكومة مغربية؛ فمن واجب المستهلك المغربي أن يحتج بصددها لان من حقه أن تكون في متناوله وبجودة وسلامة صحية مضمونة. لما تعرض المواد والخدمات في السوق وأن زبونها هو المغربي اساسا لان الأجنبي لا يشكل ولو 10% من مستهلك المواد والخدمات المغربية.
المغاربة هم من يساهمون في اقتصاد البلاد باستهلاك موادهم المعروضة في سوقهم. ومادامت معروضة في السوق فلا يجوز منعها مباشرة أو بطريقة غير مباشرة وهي القمع المعنوي. لان في مثل هذه الوضعيات يجب إرساء قوانين وضعية لا علاقة لها بالحرام والحلال والعيب.
السكر العلني يجب أن يمنع ويعاقب عليه اكيد. لكن حامله وباءعه ومستهلكه كمادة غذاءية لا. فهذا المنع الغير منطقي والغير الواقعي يدفع الى أزمات نفسية وإلى آفات اجتماعية. والحكومة عن علم بأن الزيادة في الأثمان ليست الحل لكي يكف المغاربة عن استهلاكها. بل يقع العكس وهو الممنوع مرغوب فيه. إذن برفع اثمان المواد الممنوعة تنجح الدولة في إغراء لوبيات وفي حماية مفسدين وفي تفقير الشعب وتأزيمه.
إهمال الحيوانات ورميها في الشارع العام يجب أن يعاقب عليها القانون.
يجب الانطلاق أولا من محاربة الحيوانات الموجودة متشردة ثم المرور الى تحميل كل مالك لحيوان معين مسؤولية توفره على بطاقة تعريفه وعلى دفتره الصحي. واستشراف تعميم AMO كذلك على هذه الحيوانات المنزلية بعد تعميمها على جميع المواطنات والمواطنين في أفق 2025.
ربط المسؤوليات بالمحاسبة يجب أن تطبق وتعمم على جميع المستويات داخل الدولة المغربية وداخل المجتمع المغربي.