
“الساعات الإضافية”.. عبء متصاعد على الأسر وتحدٍ للمدرسة العمومية
مع اقتراب فترة الامتحانات الإشهادية، يعرف سوق “الساعات الإضافية” رواجا متزايداً، حيث يلجأ التلاميذ بشكل جماعي أو فردي إلى دروس الدعم لتعزيز فهمهم وتثبيت مكتسباتهم وتدارك ما فاتهم خلال السنة الدراسية.
وباتت الأسر المغربية تعتمد بشكل واسع على هذه الدروس، سواء في مراكز خاصة أو داخل المنازل، حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من استعدادات التلاميذ. اللافت أن هذا الإقبال لم يعد يقتصر على تلاميذ المؤسسات الخاصة، بل أصبح يشمل حتى تلاميذ المدارس العمومية، من مختلف الفئات الاجتماعية، بما في ذلك الأسر الفقيرة التي تضطر لتحمل تكاليف إضافية رغم ظروفها الصعبة.
ويرى عدد من التربويين أن الظاهرة أصبحت مطبّعة مجتمعياً، مما أفقد الدروس داخل الأقسام الرسمية فعاليتها، حيث صار التلميذ يعتمد أكثر على الدعم الخارجي.
في هذا السياق، اعتبر الخبير التربوي جبير مجاهد أن اللجوء إلى الساعات الإضافية يشكل سيفاً ذا حدين، فهي تساعد في تدارك التأخر الدراسي، لكنها في المقابل تتحول إلى عبء نفسي ومادي على الأسر، خاصة إذا تجاوزت الحدود المعقولة أو أثرت سلباً على وقت الراحة والمراجعة الذاتية للتلميذ. كما حذر من فرض هذه الدروس تحت ضغط الخوف من الفشل، مطالباً بجعلها اختيارية ومراقبة أثمنتها.
من جهته، أكد المصطفى صائن، رئيس الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، أن هذه الظاهرة تساهم في ضرب مبدأ تكافؤ الفرص، خاصة حين يكون الدافع وراءها أحياناً تحفيز بعض الأساتذة لمضاعفة دخلهم. وأشار إلى أن وتيرتها تتسارع مع اقتراب الامتحانات، ما يثقل كاهل الأسر مادياً.
وأضاف أن الظاهرة ترجع في جزء منها إلى تراجع أداء المدرسة العمومية، نتيجة هدر الزمن المدرسي وتوالي الإضرابات. كما ذكّر بترافع الفيدرالية ضد ما يُعرف بـ”السوايع الابتزازية”، وهو ما أدى إلى إصدار مذكرة وزارية سنة 2014 تمنع تقديم دروس مؤدى عنها من طرف الأساتذة لتلامذتهم المباشرين.
وختم صائن بالإشارة إلى مرسوم الدعم التربوي الصادر سنة 2021، الذي يسمح للمؤسسات التعليمية بتنظيم حصص دعم مؤطرة داخلياً، لتعويض الخصاص وتوفير فرص متكافئة لجميع التلاميذ.